تداعيــات 4 أزمــات  تطــارد الخطــوط الملاحيــة

حدد عدد من العاملين فى قطاع النقل البحري، خاصة الخطوط الملاحية، أهم المشكلات والأزمات التى مازالت تؤثر بشكل كبير فى حركة سلسلة الإمداد،

Ad

حدد عدد من العاملين فى قطاع النقل البحري، خاصة الخطوط الملاحية، أهم المشكلات والأزمات التى مازالت تؤثر بشكل كبير فى حركة سلسلة الإمداد، وكان لها تداعيات قوية على كل العاملين بمجالات النقل البري.

تصدرت أهم المشاكل والمعوقات التى تواجه الخطوط الملاحية استمرار الحرب الروسية الأوكرانية التى أربكت السوق الملاحية، ورفعت من مخاطر التأمين، وارتفاع نسب التضخم بشكل كبير فى بعض بلدان العالم، ومن ثم كان لها رد فعل قوى فى حركة الصادرات والواردات لهذه الدول، فضلًا عن الجفاف الذى أصاب قناة بنما، مرروًا بشح الحاويات الفارغة، ونهاية التحول لعمل السفن بالطاقة النظيفة لتتماشى مع تعليمات المنظمات البحرية العالمية.

كامل: تكاليف «البديلة» أثرت على أرباح الشركات

فى البداية، أشار مصطفى كامل، مدير توكيل أركاس السابق، إلى أن أثار الحرب الأوكرانية مازال لها تأثير على سلاسل الإمداد، إذ تشهد السوق الملاحية تراجعًا كبيرًا فى انخفاض معدلات الشحن، نظرًا للركود الاقتصادى والتضخم الذى يعانى منه معظم الدول، مما انعكس على انخفاض نوالين الشحن البحرى.

وأضاف أن الجفاف الذى أصاب «بنما» سيلقى بظلاله فى تأخر حركة السفن، وتقليل حمولاتها لتناسب الغواطس الجديدة، بجانب تغيير عدد من السفن من مساراتها رحلاتها، بجانب تحول المراكب إلى الطاقة النظيفة، والإقلال من استخدام البترول كوقود، وبالتالى انخفاض أسعاره، وتخفيض إنتاجه تبعًا لذلك، ومن ثم انخفاض معدلات الشحن.

صلاح: مخاطر التأمين أكثر التحديات التى تواجه العاملين فى سلاسل الإمداد

من ناحيته، قال محمد صلاح، خبير النقل البحرى وسلاسل الإمداد، إن الخطوط الملاحيةتأثرت بتوتر منطقة البحر الأسود، وتعطل موانيها بسبب الحرب الروسية الأوكرانية، مما زاد من مخاطر الإبحار، وزاد من قيمة التأمين البحرى الذى بدوره انعكس على تغيير جداول السفن، وتأخر وصول البضائع، وتلك التكاليف تتحملها فى نهاية الأمر العملاء من أصحاب البضائع إلى المستهلكين.

واستكمل «صلاح» أن السفن الروسية تمثل جزءًا كبيرًا من الأسطول البحرى الدولي، وتعرضت إلى خسائر كبيرة بسبب فرض أوروبا عقوبات وصلت إلى رفض دخول السفن الروسية إلى موانئها ومنع التعامل مع شركات الصيانة أو هيئات الإشراف، مما تسبب جميعها فيعجز المعروض من السفن، وأصبح تحديًا آخر أمام الخطوط الملاحية.

وقال إن الخطوط الملاحية قابلت تحديات من نوع آخر هونقص الأطقم البحرية، خاصة الروسية، والتى تمثل %15 من العمالة البحرية، ومن ثم ارتباكملاك السفن بجانب التحول من الوقود الأحفورى إلى الطاقة النظيفة، والذى شهد الإسراع فى استخدامها بعد عقوبات حظر البترول الروسي، مرروًا بتفاقم توفير الحاويات الفارغة نتيجة تغير مسارات الخطوط.

أشار يحيى أحمد، نائب المدير العام كوسكو لإدارة الموانئ ميناء أبو ظبي، إلى أن الخطوط الملاحية اتجهت بشكل كبير إلى الخدمات اللوجستية،متخلية عنهدفها الرئيسى فينقل البضائع على سفنها، ليمتد الأمر إلى السيطرةعلى عمليات سلاسل الإمداد للبضاعة المنقولة دون تدخل من مرحلى البضائع.

وأوضح أن الخطوط الملاحيةتسعى إلى أخذ مكان شركات مرحلى البضائعمن خلال إدارة الموانئ والسيطرة على أسطول الشاحنات وعملاء شركات مرحلى البضائع الصغيرة، مما يقضى على صناعة هامةخلال السنوات الماضية.

أكد نائب المدير العام كوسكو لإدارة الموانئ ميناء أبوظبي، أن تغير مسارات الخطوط وفتح أسواق جديدة لم يعد مشكلة على حد تعبيره، مشيرًا إلى أن الخطوط الملاحية اختلفت أهدافها،فهناك من يسعى إلى السيطرة على الخدمات اللوجستية، ومنها النقل والتخزين، وعلى رأسها «ميرسك»، بينما أكبر شركة حاويات فى العالم الخط الملاحى MSC السويسري، من الخطوط التى تركز فى هدفها على بناء سفن ضخمة مما رفع ترتيبها إلى المرتبة الأولى.

بدوره أوضح المهندس مصطفى إبراهيم، استشارى سلاسل الإمداد بإحدى الشركات، أن صناعة الشحن البحرى واجهت تحديات عديدة خلال العام المالى 2023-2022، وتأثرت بشكل كبير بتغيرات حركة التجارة الدولية والتأثير الملاحى على حركة السفن لعدة أسباب، منها الزيادة المستمرة فى أسعار الوقود، مما زاد من تكاليف تشغيل الخطوط الملاحية وأدى إلى تقليص الأرباح.

وأضاف أن الانخفاض الحاد فى حركة التجارة الدولية ترتب عليه تأثير سلبى على حركة السفن من تأجيل، وإلغاء العديد من الرحلات البحرية، وتقليل الحمولات بسبب تقليل الطلب على السلع، نظرًا للأوضاع الاقتصادية لبعض الدول والإجراءات التنظيمية الداخلية على عملية الاستيراد لدول أخرى، مما أدى إلى تراجع عدد الرحلات، وتقليص العمالة والتكاليف.

وأشار إلى أن الضغوط البيئية أصبح عاملًا مؤثرًا، إذ تضطلع الخطوط الملاحية بمسؤوليات كبيرة فى الحد من انبعاثات الكربون، وتقليل التأثير البيئى للصناعة، مما زاد من تكاليف التشغيل وحركة السفن تأثرت بشكل كبير بتغيرات فى الظروف المناخية، مثل جفاف بنما، وتقليل الحمولات، مما أدى إلى تأثير سلبى على قدرة السفن على الوصول إلى الموانئوبدون تأخيرات.

وأوضح أن كل ذلك أدى إلى تغييرات فى نمط حركة السفن فى الموانئ البحرية، إذ تم تحويل العديد من السفن إلى موانئ أقل ازدحامًا، وتعطيل العديد من الخطوط البحرية.

تابع: هذه التحديات والمشكلات لا تزال قائمة فى الوقت الحالي، ومن المتوقع أن تستمر فى التأثير، ولذا فإن الخطوط الملاحية تعمل باستمرار على تطوير استراتيجيات جديدة للتعامل مع هذه التحديات والمشكلات، والتأقلم مع هذا التأثير الملاحى على حركة السفن، وهذا يتطلب تحسين الكفاءة والمرونة فى العمليات اللوجستية، وتحديث التقنيات المستخدمة فى صناعة الشحن البحري.

من جانبه، قال محمود عبدالرحمن، الخبير الملاحي، إن انخفاض حجم الطلب على المنقول بحرًا أصبح أهم التحديات التى تواجه قطاع الشحن مؤخرًا، موضحًا أن الخطوط الملاحية بدأت تبحث عن مصادر للدخل خلال الفترة المقبلة وليس بالأساس الشحن البحري.

وتابع: أن من بين الأمور التى تبحثها الخطوط الملاحية خلال الفترة المقبلة البحث عن طرق ملاحية أكثر أمانًا ووفرة فى الإبحار، خاصة بعد تراجع النوالين فى بعض الطرق إلى قرابة %50 مقارنة بالعام الماضي، بالإضافة إلى الاضطرابات السياسية عالميا بعد الحرب الروسية الأوكرانية.

ولفت «عبدالرحمن» إلى أنه على سبيل المثال أعلنت روسيا مؤخرًا عبر أحد شركاتها أنها ستبدأ تنفيذ رحلات على مدار العام من القطب الشمالى إلى آسيا على طول الجزء الشرقى من طريق البحر الشمالى (NSR)، وذلك اعتبارًا من عام 2024، وهو ما سيكون بداية لفتح خطوط تجارية لها آثار هائلة على الخريطة العالمية المنقولة بحرًا.

وأوضح أن تلك الخطوة ستكون عبرشركة Novatek، ويتم التخطيط لإطلاق الملاحة على مدار العام فى الجزء الشرقى من طريق البحر الشمالى NSR، وذلك فى أوائل العام المقبل، وهو ما سيكون له تأثير كبير على تغيير خريطة الشحن البحرى العالمي.

ويشهد الجليد البحرى فى القطب الشمالى منذ عقود حالة من الانكماش والتقلص، وقد فتحت هذه الخسارة قنوات الشحن فى الممر الشمالى الغربى و NSR، مما سمح حتى للسفن التى لا تعمل بكسر الجليد بتخطى قناة بنما، وقناة السويس التى تستغرق وقتًا طويلاً فى أقصى الجنوب.

وحسب بيانات منطقة القطب الشمالي، فإنه ما بين عامى 1979 و 2020، انخفض متوسط كمية الجليد البحرى فى القطب الشمالي، والذى تم تعريفه على أنه منطقة المحيط مع بعض الجليد على الأقل، بمساحة سطحية تعادل جزيرة غرينلاند تقريبا 2 مليون كم 2، وفقًا لمجلة علم المحيطات.

ومن المعروف أن روسيا قامت بإنفاق مبالغ طائلة فى السنوات الأخيرة لتطوير الموانئ ومنشآت التزود بالوقود وكسر الجليد فى محاولة لزيادة حركة المرور على طول الحافة البحرية الشمالية للكوكب.

وقال أسامة عدلي، المدير التجارى لشركة وكالة الخليج السابق، إن هناك العديد من التحديات التى أصبحت تواجه السوق الملاحية، والتى من أهمها مساعى روسيا والصين السيطرة على المشروعات الملاحية الجديدة، وهو ما يعمل على تنويع طرق التجارة- خاصة بالنظر إلى الطرق الجديدة التى لا يمكن حظرها لأنها ليست قنوات- يمنح البنية التحتية للشحن العالمى مزيدًا من المرونة.

كما تعمل الصين، وهى دولة ساحلية خارج القطب الشمالي، على تعزيز طموحاتها لشحن البضائع عبر هذا الطريق الشمالى الأسرع إلى أوروبا بشكل كبير فى السنوات الأخيرة.

وأوضح أن المعايير التى أرستها المنظمة البحرية العالمية لنسبة الانبعاثات من السفن أدى إلى اعتماد العديد من الخطوط على السفن الحديثة، وهو إنفاق مرتفع عمل على امتصاص الأرباح التى تحققت خلال العامين الماضيين.

وأشار إلى أن هناك حالة تشبه حالة الكساد العالمي، ويقابلها زيادة أحجام السفن الحديثة التى أطلقتها الخطوط مؤخرًا، بما يعنى أنه سيكون هناك تراجع لأسعار النوالين كما كانت عليه قبل كورونا، إذ انخفضت خلال العام الجارى قرابة %50 فى بعض الطرق الملاحية.

ولفت «عدلي» إلى أن انخفاض النوالين سيتبعه تراجع فى الأرباح والإيرادات الخاصة بـالخطوط الملاحية، بالاضافة إلى ارتفاع قيمة التأمين فى المناطق الساخنة، مثل السودان بالبحر الأحمر، وكذا منطقة البحر الأسود، وهى أيضًا من التحديات التى لحقت بالخطوط مؤخرًا.